جانب العطاء، وفي جانب العطاء، نستشهد دائما بقولة مصطفى صادق الرافعي الأديب المصري العظيم، من أعظم أدباء القرن العشرين، حيث يقول إن لم تزد شيئا على الدنيا، كنت أنت زائدا على الدنيا، كلما قاسية لكنها صحيحة، إن لم تزد شيئا على الدنيا كنت أنت زائدا على الدنيا، التمير في الحياة ليس سهلا، ماذا أضفت للحياة، ماذا أضفت لبلدك ماذا أضفت لأسرتك ماذا أضفت للبشرية ماذا أضفت، وحسب حجم الإضافة ودرجة استنفادة الناس منها يكون العطاء.
فالذي يفيد فقط أهله هذا عطاءه صغير والذي يفيد حيه هذا عطاءه أحسن والذي يفيد مدينته أحسن وأحسن والذي يفيد بلده رائعة، لكن الذي يفيد البشرية، أعلى وأعلى، والذي يفيد من عاشوا في زمانه وعاشوا بعد زمانه، وصل إلى أعلى درجات العطاء، مرة سأل الدكتور طارق السويدان حفظه الله وأطال في عمره، سأل بعض الشباب ما هي أهم الإنجازات التي حققوها في حياتهم، فأجاب شاب، كنت موظفا، هل هذا إنجاز؟ لما نتكلم عن إنجازات نتكلم عن تميز، فعلت شيء كل أقرانك لم يفعلوه، وأجابت واحدة من الأخوات قالت دكتور، أنا عطائي أني ربيت أولادي، هل هذا عطاء؟ كل الناس تربي أولادها، ما هو التميز في أولادك، في واحدة يذكرها الإمام إبن الجوزي في كتابه العظيم المدهش، كان لها سبعة أولاد، كلهم حفظ القرآن وكلهم مات شهيدا، وفي واحدة من زماننا هذا دعنا من ذاك الزمان، عندها ستة أولاد، كلهم حفظ القرآن وكلهم حصل على شهادة الدكتوراه، وكلهم ملتزمين إسلامين، هذه ربت أولادها تربية متميزة، أما التربية التقليدية كلامنا ليس عن عطاء عادي، كلام عن عطاء متميز، فما مدى التميز في العطاء.
حتى يتميز الإنسان في العطاء يحتاج ثلاثة أمور
1- حدد مجالا تركز عليه
الذي يريد أن يتميز يختار مجال واحد ويركز عليه، الذي يحاول أن يشتغل في كل المجالات، ففي مثل غربي يقول، الذي يحاول أن يعمل كل شيء لن يثقن أي شيء، اختار مجال واحد وركز عليه، في بعض الناس يقولون أنا أحب المجال الفلاني وأحب المجال الفلاني، ممكن اشتغل في الإثنين؟ لا، القانون العام الذي نطرحه هنا أن تختار واحد منهما تعتبر مجال حياتك، والثاني اعتبره هواية، والمعادلة التي تفرق بين أن هذا مجال حياتي وهذه هواية، معادلة إسمها خمسين عشرة، أي أن المجال أعطيه خمسين بالمائة من وقتي، الهواية أعطيها عشرة بالمائة من وقتي، المجال أعطيه خمسين بالمائة من قراءاتي، الهواية أعطيها عشرة بالمائة من قراءاتي، المجال أعطيه خمسين بالمائة من علاقاتي، الهواية أعطيها عشرة بالمائة من علاقاتي، وأخيرا الذي ينبني عليه هذا كله، خمسين بالمائة من إنجازاتي في مجال حياتي، وعشرة بالمائة من إنجازاتي في هوايتي، الذي لا يفعل هذا سيكون له إنجازات لكنها صغيرة في الجانبين، والأفضل من هذا أن يكون لك إنجاز كبير في جانب واحد.
نرجع إلى العظماء في التاريخ، خالد ابن الوليد ببماذا يتميز؟ الشافعي بماذا يتميز؟ ما هي مجالاتهم؟ بعض الناس يقولون الشافعي كان طبيبا وكان كذا، عملت إحصائية، عدد الكتب التي كانت بين أيدي الناس في زمن ابن تيميه، كان كلها مائتين كتاب، التي كانت منتشرة بين الناس، فسهل جدا أنني أقرأ ثلاث كتب في الطب فأفهم في الطب، هذا الكلام قديم، كان سهل جدا أن الإنسان يكون موسوعي، اليوم في مجال من المجالات في جزئية من الجزئيات التي يجب أن نتخصص فيها، لم تعد المسألة بنفس الصورة، ونصيحة من القلب لإخواني الشباب، ركز فوكس، لا تتشتت.
فإذن الأمر الأول هو أن نحدد مجالنا، وفي تفصيل كيف نحدد مجالنا بناء على الرغبة، والفرصة والقدرة، سننشر إن شاء الله حلقة خاصة على قناة بيت الأمل، تشرح كيفية اختيار المجال.
2- حدد أهدافك
نقترح هنا أن نقسم الأهداف إلى ثلاثة أنواع، أهداف لعشرين سنة، وأهداف لخمس سنوات وأهداف لسنة، هذه ليست أرقام عشوائية، هذه أرقام مدروسة، أكتب بالضبط ماذا تريد أن تحققه في اثنا عشر شهر القادم، وكتب بالضبط ماذا تريد أن تحققه في خمس سنين، وكتب بالضبط الأهداف الكبرى والمشاريع الكبرى التي تريد أن تحققها في عشرين سنة، أريد أن أؤلف عشرين كتابا، أريد إنشاء قناة فضائية، أريد أن يكون هناك شركة مالية برأس مال مائة مليون دولار في المجال الفلاني، مشاريع كبرى، دعم مستشفى خيري، أريد أن أعمل دار أيتام تتسع لألف شخص، مشاريع كبرى عيشوا لها، لماذا يصبح الشباب هامشيين، لأن ليس عندهم أهداف، ليس عندهم قضية تشغلهم، فركزوا على هذا، هذا أمر رئيسي.
3- ضعوا خطة
كيف ننتقل من هذا الواقع الذي نحن فيه إلى هذه الأهداف التي نطمح إليها، الأهداف ليست بالأماني، كثير من الشباب والبنات يريدون أن يعملوا أشياء كبيرة، لكنها أقرب إلى الأماني، ولكي أكون على وزن هذه الأهداف التي نتكلم عنها، قبل أي شيء لازم أغير في نفسي، أغير في علمي في مهاراتي في اهتماماتي في قناعاتي، عندي نقص في المهارة الفلانية، أضع خطة لمعالجتها، الأهداف لاتتحقق بالأماني، يقول أديسون، في مجال التمير في الحياة الإبداع واحد بالمائة إلهام، وتسعة وتسعين بالمائة جهد، ولما نتكلم عن أهدافا، نتائج قابلة للقياس، ولما نتكلم عن خطة وسائل لو عملنا بها سنكون مؤهلين لتحقيق الأهداف، الذي عنده أهداف طموحة لكن شخصيته ومعلوماته ومهاراته غير كافية لهذا، فهو يعيش في دائرة الأماني والأوهام، يجب أن نفرق، هناك أمنيات وهناك أهداف، لا تعيشوا في عالم الأمنيات، عيشوا في عالم التخطيط، أهداف ووسائل كافية لتحقيق الأهداف، وإلا ستكون أمنيات، فضعوا خطة لأنفسكم لتكونون مؤهلين لهذا المستوى من الأهداف.
يمكنك مشاهدة هذا المقال عبر هذا الفيديو:
أو مشاهدته في اليوتوب من هنا: كيف تتمير في الحياة ◆ هل تشعر بالتميز في حياتك ◆ اكتشف أسرار التميز والعطاء
التعليقات مغلقة.